فصل: (سورة البقرة: آية 148):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.البلاغة:

1- التورية في قوله: {وسطا} فالمعنى القريب الظاهر للوسط هو التوسط مع ما يعضده من توسط قبلة المسلمين، ومعناه البعيد المراد هو الخيار كما تقدم في باب اللغة.
2- الكناية في الوسط أيضا عن غاية العدالة كأنه الميزان الذي لا يحابي ولا يميل مع أحد.
3- المجاز المرسل في قوله: {على عقبيه} والعلاقة هي المصير والمآل، فليس ثمة أسمج ولا أقبح من رؤية الإنسان معكوس الخلقة، مخالفا للمألوف المعتاد.
4- التقديم والتأخير: فقد قدم {شهداء} على صلته وهي {على الناس} وأخر {شهيدا} عن صلته وهي {عليكم} لأن المنّة عليهم في الجانبين ففي الاول بثبوت كونهم شهداء، وفي الثاني بثبوت كونهم مشهودا لهم بالتزكية، والمقدم دائما هو الأهم.

.الفوائد:

1- لا مندوحة لنا عن إيراد بعض الأقوال الجديرة بالاهتمام، فقد أورد العلماء خمسة أعاريب لهذه الآية يضيق المجال عن إيرادها وقد أوردنا ما اخترناه منها واختاره الزمخشري، واختار الجلال أن تكون {القبلة} المفعول الثاني مقدما و{التي كنت عليها} هو المفعول الأول محتجا بأن التصيير هو الانتقال من حال إلى حال، فالمتلبس بالحالة الثانية هو المفعول الثاني، ألا ترى أنك تقول: جعلت الطين خزفا. واختاره أبو حيان. وقيل {القبلة} هي المفعول الأول و{التي كنت عليها} صفة، أما المفعول الثاني فهو محذوف تقديره منسوخا أو نحوه.
لمحة تاريخية:
فقد اتفق الجميع على أن النبي صلى اللّه عليه وسلم صلى إلى صخرة بيد المقدس بعد الهجرة مدة، ثم أمر بالصلاة إلى الكعبة، وإنما اختلفوا في قبلته بمكة هل كانت الكعبة أو بيت المقدس، والمرويّ عن أئمة أهل البيت أنها كانت بيت المقدس، ثم لا يخفى أن الجعل في الآية مركب لا بسيط، وقوله تعالى: {التي كنت عليها} ثاني مفعوليه كما نص عليه أكثر المفسرين، وأما القائلون بأنه صلى اللّه عليه وسلم كان يصلي بمكة إلى الكعبة، فالجعل عندهم يحتمل أن يكون منسوخا باعتبار الصلاة بالمدينة مدة إلى بيت المقدس، وأن يكون جعلا ناسخا باعتبار الصلاة بمكة، وقال الرازي: إن قوله تعالى: {التي كنت عليها} ليس نعتا للقبلة وإنما هو ثاني مفعولي جعلنا، هذا وسميت الكعبة كعبة لتربيعها وسيأتي مزيد بحث بذلك.
2- إذا خففت إنّ دخلت على الجملتين الفعلية والاسمية، فان دخلت على الاسمية جاز إعمالها وإهمالها، والأكثر الإهمال. وإن دخلت على الفعلية وجب إهمالها، والأكثر أن يكون الفعل ماضيا ناسخا، لأن العرب لما أخرجوها عن وضعها الاصلي بدخولها على الفعل أرادوا أن يكون ذلك الفعل من أفعال المبتدأ والخبر لئلا يزول عنها وضعها كليا كما ترى في الآية، ولابد من دخول لام بعدها تسمى اللام الفارقة للفرق بينها وبين إن النافية.
3- لام الجحود أي لام الإنكار، هي الواقعة بعد كون ماض منفيّ، وخبر كان مختلف فيه فقيل: هو محذوف يقدّر بحسب المقام وتتعلق به لام الجحود مع المصدر المجرور بها، لأن أن المصدرية تضمر بعدها وجوبا، وقيل الجار والمجرور في محل الخبر، وهذا أسهل ولكن الاول أشهر وأضبط لاستقامة الخبر.

.[سورة البقرة: آية 144]:

{قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)}.

.اللغة:

{شَطْرَ} للشطر في كلام العرب وجهان: فأحدهما النصف، ومن ذلك قولهم شاطرتك مالي. والوجه الآخر: القصد، يقال: خذ شطر زيد أي قصده، وهو المراد هنا، ومنه قولهم:
حلبت الدهر أشطره

أي مرّ بي خيره وشره، ومنه سميّ الشاطر وهو من أعيا أهله خبثا.

.الإعراب:

{قَدْ} هنا للتكثير بقرينة ذكر التقلب، والتكثير بالنسبة إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، وإلا فهو محال على اللّه تعالى.
{نَرى} فعل مضارع مرفوع، وفاعله ضمير مستتر تقديره نحن {تَقَلُّبَ} مفعول به {وَجْهِكَ} مضاف إليه {فِي السَّماءِ} الجار والمجرور متعلقان بتقلب لأنه مصدر {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ} الفاء عاطفة للتعليل، واللام موطّئة للقسم، ونولينك: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن، والكاف مفعول به أول {قِبْلَةً} مفعول به ثان ويجوز نصبها على نزع الخافض {تَرْضاها} فعل مضارع مرفوع وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت، وها مفعول به. والجملة صفة لقبلة.
وجملة: {فلنولينك} لا محل لها لأنها تعليلية {فَوَلِّ} الفاء هي الفصيحة، وول فعل أمر مبني على حذف حرف العلة. وفاعله ضمير مستتر تقديره أنت {وَجْهِكَ} مفعول به، والكاف ضمير متصل في محل جر بالإضافة {شَطْرَ الْمَسْجِدِ} مفعول فيه ظرف مكان متعلق بولّ، والمسجد مضاف إليه {الْحَرامِ} صفة للمسجد وجملة: {فولّ} لا محل لها. {وَحَيْثُ ما} الواو استئنافية، وحيثما اسم شرط جازم في محل نصب على الظرفية متعلق بمحذوف خير كنتم المقدم {كُنْتُمْ} كان فعل ماض ناقص واسمها، والجملة في محل جزم فعل الشرط، وكان القياس أن تكون في محل جر بالإضافة لو لا المانع وهو كونها من عوامل الافعال {فَوَلُّوا} الفاء رابطة للجواب لأنه طلبي، وولوا: فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الافعال الخمسة والواو فاعل والجملة في محل جزم جواب الشرط {وُجُوهَكُمْ} مفعول به {شَطْرَهُ} ظرف مكان متعلق بولوا {وَإِنَّ الَّذِينَ} الواو استئنافية، وإن واسمها {أُوتُوا الْكِتابَ} الجملة لا محل لها لأنها صلة الموصول، والكتاب مفعول ثان لأوتوا، والأول هو النائب للفاعل وهو الواو {لَيَعْلَمُونَ} اللام هي المزحلقة، وجملة: {يعلمون} خبر إن {أَنَّهُ الْحَقُّ} أن واسمها وخبرها، وقد سدت مسد مفعولي يعلمون {مِنْ رَبِّهِمْ} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال {وَمَا} الواو استئنافية، وما نافية حجازية تعمل عمل ليس {اللَّهُ} اسم ما {بِغافِلٍ} الباء حرف جر زائد، وغافل مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر ما {عَمَّا} الجار والمجرور متعلقان بغافل {يَعْمَلُونَ} الجملة الفعلية لا محل لها لأنها صلة ما.

.الفوائد:

1- {حَيْثُ ما} اسم شرط جازم محله النصب على الظرفية المكانية، وأصله حيث، وزيدت ما فكان اسما جازما، وحيث ظرف مكان مبني على الضم، وهو مضاف إلى الجمل، فهو يقتضي جر ما بعده، وما اقتضى الجر لا يقتضي الجزم فلما وصلت ب {ما} زال عنها معنى الاضافة كما تقدم.
2- لمحة تاريخية:
قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المدينة فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ثم توجّه إلى الكعبة وكان ذلك في رجب قبل موقعة بدر بشهرين ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بمسجد سلمة، وقد صلى بأصحابه ركعتين من صلاة الظهر أو العصر فتحول في الصلاة واستقبل القبلة، وحوّل الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال، فسمي المسجد مسجد القبلتين، والحكمة في ذلك واضحة بل هي أروع ما تصل إليه المعاملة الانسانية التي تستهدف قبل كل شيء استمالة القلوب وتلين العواطف، بيد أن ذلك لم يجد شيئا في ازالة التحجر الذي ران على قلوب اليهود، وقد علل القرآن هذا التحجر بالآية التالية:

.[سورة البقرة: آية 145]:

{ولَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (145)}.

.الإعراب:

{وَلَئِنْ} الواو استئنافية، واللام موطّئة للقسم، وإن شرطية {أَتَيْتَ} فعل ماض مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط، والتاء فاعل {الَّذِينَ} اسم موصول في محل نصب مفعول به {أُوتُوا الْكِتابَ} فعل ماض مبني للمجهول والواو نائب فاعل، والكتاب مفعول أوتوا الثاني {بِكُلِّ آيَةٍ} الجار والمجرور متعلقان بأتيت {ما} نافية {تَبِعُوا} فعل ماض وفاعل {قِبْلَتَكَ} مفعول به، والجملة لا محل لها لأنها جواب القسم، وقد أغنت عن جواب الشرط لتقدم القسم، وإذا اجتمع شرط وقسم فالجواب للمتقدم منهما {وَما} الواو عاطفة، وما نافية حجازية {أَنْتَ} اسم ما {بِتابِعٍ} الباء حرف جر زائد، وتابع مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر ما {قِبْلَتَهُمْ} مفعول به لاسم الفاعل تابع، وهذه الجملة معطوفة على ما سبق {وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ} الجملة عطف على سابقتها {وَلَئِنْ} الواو استئنافية، ولئن تقدم إعرابها {اتَّبَعْتَ} فعل وفاعل {أَهْواءَهُمْ} مفعول به {مِنْ بَعْدِ} الجار والمجرور متعلقان باتبعت {ما} اسم موصول في محل جر بالإضافة {جاءَكَ} الجملة لا محلّ لها لأنها صلة ما {مِنَ الْعِلْمِ} الجار والمجرور في موضع نصب على الحال {إِنَّكَ} إن واسمها {إِذًا} حرف جواب وجزاء، وهي مهملة جيء بها لتوكيد القسم {لَمِنَ الظَّالِمِينَ} اللام هي المزحلقة، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر إن، وجملة إن وما في حيزها لا محلّ لها لأنها جواب القسم ولذلك لم ترتبط بالفاء.

.[سورة البقرة: الآيات 146- 147]:

{الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (147)}.

.اللغة:

الامتراء: الشك، وقد يساور الغافلين سؤال وهو: هل كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يشك في أن الحق من ربه حتى نهي عن الشك؟
والجواب: إن ذلك هو الكلام الذي تخرجه العرب مخرج الأمر أو النهي للمخاطب والمراد به غيره.

.الإعراب:

{الَّذِينَ} اسم موصول مبتدأ {آتَيْناهُمُ الْكِتابَ} فعل وفاعل ومفعول به، والكتاب مفعول به ثان لآتيناهم والجملة الفعلية لا محل لها لأنها صلة الذين {يَعْرِفُونَهُ} فعل مضارع وفاعله ومفعوله، وجملة: {يعرفونه} خبر الذين {كَما} الكاف حرف جر، وما مصدرية مؤولة مع ما بعدها بمصدر، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمصدر محذوف هو المفعول المطلق {يَعْرِفُونَ} الجملة الفعلية لا محل لها لأنها صلة الموصول الحرفي وهو ما المصدرية {أَبْناءَهُمْ} مفعول به {وَإِنَّ فَرِيقًا} الواو حالية، وإن واسمها، والجملة نصب على الحال، ولك أن تجعل الواو استئنافية فتكون الجملة مستأنفة لتقرير حالتهم {مِنْهُمْ} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لفريقا {لَيَكْتُمُونَ} اللام هي المزحلقة، ويكتمون فعل وفاعل {الْحَقَّ} مفعول به، والجملة في محل رفع خبر إن {وَهُمْ} الواو حالية، وهم مبتدأ {يَعْلَمُونَ} الجملة الفعلية خبر هم، والجملة بعد الواو في محل نصب على الحال {الْحَقُّ} مبتدأ {مِنْ رَبِّكَ} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر والجملة استئنافية، {فَلا} الفاء استئنافية ولا ناهية {تَكُونَنَّ} جملة تكونن فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة في محل جزم بلا الناهية، واسم تكونن ضمير مستتر تقديره أنت {مِنَ الْمُمْتَرِينَ} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر.

.[سورة البقرة: آية 148]:

{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شيء قَدِيرٌ (148)}.

.اللغة:

{وجْهَةٌ} بضم الواو وكسرها وهي الجهة التي تتجه إليها، يقال:
ضلّ وجهة أمره أي جهته، والجهة مثلثة الجيم والكسر أشهر.

.الإعراب:

{ولِكُلٍّ} الواو استئنافية، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدمِ {وَجْهَةٌ} مبتدأ مؤخرُ.
{هو} مبتدأُ {موَلِّيها} خبر، والجملة الاسمية صفة لوجهةَ.
{فاسْتَبِقُوا} الفاء هي الفصيحة، أي إذا أردتم معرفة الأصوب فاستبقوا، واستبقوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل.
{الْخَيْراتِ} منصوب بنزع الخافض لأن استبق لازم، أي إلى الخيرات، والجملة لا محل لها لأنها جواب شرط مقدر.
{أَيْنَ ما} اسم شرط جازم منصوب على الظرفية المكانية، وهو متعلق بمحذوف خبر تكونوا المقدم.
{تَكُونُوا} فعل مضارع مجزوم لأنه فعل الشرط والواو اسمها وجملة: {تكونوا} استئنافية.
{يَأْتِ} جواب الشرط وعلامة جزمه حذف حرف العلة.
{بِكُمُ} جار ومجرور متعلقان بيأت.
{اللَّهُ} فاعل.
{جَمِيعًا} حال.
{إِنَّ اللَّهَ} إن واسمها.
{عَلى كُلِّ شَيْءٍ} الجار والمجرور متعلقان بقدير.
{قَدِيرٌ} خبر إن، والجملة تعليلية لا محل لها.

.[سورة البقرة: آية 149]:

{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149)}.

.الإعراب:

{وَمِنْ حَيْثُ} الواو استئنافية، والجار والمجرور ظاهرهما أنهما متعلقان بول، ولكن فيه إعمال ما بعد الفاء فيما قبلها وهو ممتنع، غير أن المعنى متوقف على هذا الظاهر، فالأولى تعليقهما بفعل محذوف يفسره فولّ أي ولّ وجهك من حيث خرجت {خَرَجْتَ} فعل وفاعل، والجملة الفعلية في محل جر بالإضافة {فَوَلِّ} الفاء رابطة لما في {حيث} من رائحة الشرط، وولّ فعل أمر مبني على حذف حرف العلة، والجملة لا محل لها لأنها مفسرة {وَجْهَكَ} مفعول به {شَطْرَ الْمَسْجِدِ} ظرف مكان متعلق بولّ، والمسجد مضاف إليه {الْحَرامِ} صفة {وَإِنَّهُ} الواو عاطفة أو حالية، وإن واسمها {لَلْحَقُّ} اللام هي المزحلقة، والحق خبر إنّ {مِنْ رَبِّكَ} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال {وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} تقدم إعرابه.

.[سورة البقرة: الآيات 150- 151]:

{ومِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150) كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151)}.

.الإعراب:

{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ} تقدم اعرابها وهي تأكيد ثان، وكرر الكلام لتشديد أمر القبلة وإماطة الشبهة بعد أن طرأ النسخ على القبلة التي هي بيت المقدس {وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}.
تأكيد ثالث لئلا تبقى للمعاندين حجة في نظرهم ينفذون منها أو ثغرة يتسرّبون إلى الإرجاف عن طريقها {لِئَلَّا} اللام هي لام التعليل وأن المدغمة بلا النافية حرف مصدري ونصب {يَكُونَ} فعل مضارع ناقص منصوب بأن والجار والمجرور اللام والمصدر المؤول متعلقان بولوا {لِلنَّاسِ} جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر يكون المقدم. {عَلَيْكُمْ} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال لأنه كان في الأصل صفة لحجة فلما تقدمت الصفة على الموصوف أعربت حالا كما هي القاعدة {حُجَّةٌ} اسم يكون المرفوع المؤخر {إِلَّا} أداة استثناء {الَّذِينَ} مستثنى متصل من الناس {ظَلَمُوا} الجملة لا محل لها لأنها صلة الموصول {مِنْهُمْ} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال {فَلا} الفاء هي الفصيحة أي إذا عرفتم ذلك ورسخت حقيقته في نفوسكم ولا ناهية {تَخْشَوْهُمْ} فعل مضارع مجزوم بلا وعلامة جزمه حذف النون والواو فاعل والهاء مفعول به {وَاخْشَوْنِي} الواو عاطفة واخشوا فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الافعال الخمسة والنون للوقاية والواو فاعل والياء مفعول به {وَلِأُتِمَّ} عطف على لئلا يكون فهو علة ثانية {نِعْمَتِي} مفعول به والياء مضاف إليه {عَلَيْكُمْ} الجار والمجرور متعلقان بأتمّ {وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} الواو عاطفة ولعل واسمها، وجملة: {تهتدون} خبرها {كَما أَرْسَلْنا} الكاف حرف جر وما مصدرية وأرسلنا فعل وفاعل والكاف ومجرورها المصدر المؤول في موضع نصب على المفعول المطلق وأعربه سيبويه حالا {فِيكُمْ} الجار والمجرور متعلقان بأرسلنا {رَسُولًا} مفعول به {مِنْكُمْ} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة {يَتْلُوا} الجملة الفعلية صفة ثانية لرسولا {عَلَيْكُمْ} الجار والمجرور متعلقان بيتلو {آياتِنا} مفعول به ونا مضاف إليه {وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ}.
الفعلان المضارعان معطوفان على يتلو {الْكِتابَ} مفعول به {وَالْحِكْمَةَ} عطف على الكتاب {وَيُعَلِّمُكُمُ} معطوف على ما تقدم والكاف مفعول به أول {ما} اسم موصول مفعول به ثان {لَمْ} حرف نفي وقلب وجزم {تَكُونُوا} فعل مضارع ناقص مجزوم بلم والواو اسمها والجملة الفعلية صلة ما {تَعْلَمُونَ} الجملة الفعلية خبر تكونوا.